وساطة المشهداني: هل تبدد غيوم التصعيد بين بغداد وأربيل؟
تمارس كل من حكومتي بغداد وأربيل ضغوطات متبادلة في مسعى منهما لتعديل السلوك السياسي، وإعادة تشكيل العلاقة بين الطرفين، بعد أن وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود.
فبعد تلويح أربيل بالانسحاب من العملية الانتخابية المقبلة، وعزم من بغداد على فتح ملف تهريب النفط عبر الإقليم، جاءت زيارة رئيس البرلمان، محمود المشهداني، إلى أربيل، في خطوة جديدة تهدف لتجاوز الأزمة، ولو بشكل مؤقت.
وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب، في بيان تلقته “المدار الاخبارية”، إن “رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، يرافقه رئيس لجنة النزاهة النيابية زياد الجنابي، وصلا، اليوم الأحد، إلى محافظة أربيل، وكان في استقباله نائب رئيس مجلس النواب، شاخون عبدالله، ووزير داخلية الإقليم، ريبر أحمد خالد”.
وأضاف، أن “هذه الزيارة جاءت في إطار التباحث مع القيادات في أربيل حول الملفات المشتركة، وتفعيل العمل بين المركز والإقليم وحل الإشكالات بينهما، فضلا عن مناقشة ملف الانتخابات البرلمانية المقبلة”.
وبدأ المشهداني، فور وصوله إلى أربيل مع وفد يضم عددا من أعضاء البرلمان من كتل مختلفة، مباحثات سياسية مع القيادات السياسية، ووزراء حكومة كردستان المسؤولين عن السياسات المالية والنفطية، فضلا عن أعضاء برلمان الإقليم، حيث استقبل رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني، رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، للحديث عن القضايا الخلافية بين بغداد وأربيل، وكذلك عن أزمة الرواتب.
وشهد الاجتماع، الذي حضره نائب رئيس مجلس النواب، شاخوان عبد الله، ورئيس لجنة النزاهة النيابية، النائب زياد الجناني، بحسب بيان لمكتب بارزاني، تلقته “العالم الجديد”، “التباحث بشأن أهمية القضايا الخلافية بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية، ولا سيّما مسألة الرواتب والمستحقات المالية لمتقاضي الرواتب في الإقليم”، كما واتفق الجانبين “على وجوب تحييد ملف الرواتب وعدم إقحامه في أي مشاكل أو خلافات سياسية كي لا يقع موظفو إقليم كردستان ضحية لتلك الخلافات، حيث تم التعامل مع مواطني الإقليم بصورة غير عادلة”.
كما أكد الجانبان على “ضرورة حل عاجل لمشكلة الرواتب، وضمان إرسال المستحقات المالية للإقليم”.
وأشار البيان إلى أن “المحادثات ستتواصل بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية لحل هذه المسألة في الأيام المقبلة”.
وشهد الاجتماع “تأكيدا على ضرورة احترام النظام الاتحادي في العراق، وصون حقوق الكيان الدستوري لإقليم كردستان”.
وواصلت المحادثات بين بغداد وأربيل على مدى الأيام الماضية بشأن الرواتب والنفط والمنافذ الحدودية، وسط آمال مشوبة بالحذر في إمكانية التوصل إلى اتفاق تام، خصوصا أن التطورات الأمنية المتمثلة بحرب المسيرات وتحرك قطعات من الجيش العراقي إلى مناطق متاخمة لكردستان، بدأت تلقي بظلالها على العلاقة بين الطرفين.
كما بحث رئيس مجلس النواب، محمود المشهداني، مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، في مصيف صلاح الدين في أربيل، عددا من الملفات الخلافية، وفي مقدمتها ملف الرواتب والمستحقات المالية لموظفي الإقليم.
وأضاف بيان لمكتبه تلقته “المدار ، أن “المشهداني، وخلال اللقاء أكد التزام المجلس الكامل بمعالجة أزمة رواتب موظفي إقليم كردستان”، مشيرا إلى أن “الجهود النيابية ستتواصل من أجل التوصل إلى حلول عملية، لمعالجة الأزمة، كما تمّ التوصل سابقا إلى حلول ناجحة في ملف المياه”.
وشدد على أن “مجلس النواب سيكون له دور فاعل ومباشر عند استئناف جلساته، وسيتخذ الإجراءات القانونية اللازمة بالتنسيق مع الجهات التنفيذية لضمان صرف المستحقات المالية لمستحقيها في الإقليم دون تأخير”، لافتا إلى “ضرورة تحييد ملف الرواتب وعدم إقحامه في الخلافات السياسية والتعامل معه من منطلق وطني وإنساني بحت”.
من جهته، عبّر البارزاني، وفقا للبيان، عن ثقته “بدور مجلس النواب ودور المشهداني شخصيا في إيجاد مخرج نهائي لأزمة رواتب الموظفين”، مؤكدا “انتظار الإقليم لتحركات عملية من البرلمان والحكومة من أجل معالجة الملف بأسرع وقت ممكن”.
واتفق الجانبان على أهمية تقديم مقترحات جدية من قبل الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، والعمل المشترك على دراستها وتطبيقها، بما يسهم في إنهاء الأزمة بشكل جذري ودائم.
يأتي ذلك، في ظل الحديث عن حل مؤقت يجري التحضير له خاص بقضية الرواتب والمنافذ الحدودية، بسبب تزايد الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية على حكومة المركز في بغداد.
وطبقا لتقارير صحيفة، فإن الوفد الكردي في بغداد توصل إلى حل يمكن عدّه وسطيا، ويتمثل في إطلاق دفعات مالية متتالية تغطي رواتب شهرين لموظفي الإقليم، وهذا الحل من شأنه تخفيف حدّة الأزمة الراهنة، إلا أنه لا يعني علاجا دائما للمعضلة، بسبب بقاء أسبابها وجذورها.
وذكرت مصادر مطلعة، في وقت سابق من اليوم الأحد، لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة المركزية تعتزم الأسبوع المقبل فتح ملف تهريب النفط عبر إقليم كردستان، وذلك في خطوة لتفادي العقوبات على صادرات العراق النفطية، حيث سيتم استضافة وزير النفط حيان عبد الغني، ومدير شركة سومو، لبحث تهريب الإقليم للنفط”.
وحذر القيادي في الاتحاد الإسلامي الكردستاني، شيركو جودت، أمس السبت، من تداعيات وصفها بـ”الخطيرة” في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية بشأن استئناف تصدير النفط، مبينا أنه إذا لم تتوصل حكومة إقليم كردستان إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية لاستئناف تصدير النفط قبل يوم الثلاثاء، فستقوم بغداد بعدها بالسيطرة على حقول النفط، ومن ثم ستطلق رواتب موظفي الإقليم بشكل مباشر من دون الرجوع لحكومة أربيل، وذلك بدعم المجتمع الدولي.
يأتي ذلك في الوقت الذي تدرس فيه حكومة إقليم كردستان قرار الانسحاب من الانتخابات المقبلة، وذلك في خطوة تصعيدية تجاه أزمة رواتب موظفي الإقليم.
ولا تزال أزمة الرواتب في إقليم كردستان العراق تُلقي بظلالها الثقيلة على نحو مليون موظف ينتظرون شهريا وصول مستحقاتهم في مواعيد غير منتظمة، وسط حالة من الترقب والتوتر العام.
وشهدت الفترة الماضية زيارة وفود بين بغداد وأربيل لبحث عدد من الملفات العالقة، أبرزها: رواتب موظفي الإقليم، واستئناف تصدير النفط، إلا أنها لم تأتي بشيء يذكر حتى الآن (وقت كتابة التقرير).
يشار إلى أن موظفي إقليم كردستان، منذ شهرين بلا رواتب، وسط غياب أي مؤشرات حكومية حاسمة بشأن التمويل من بغداد أو التوزيع